الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الباحث في الفلسفة عدنان الجدي: فيديوهات داعش غير اعتباطية وهي تحترف الصدق لتحقيق مبتغاها

نشر في  07 مارس 2015  (19:40)

تتواصل فعاليات ورشات "حكاية عين" التي يشرف عليها الباحث في الفلسفة عدنان الجدي مدير صالون الناس الديكامرون بالاشتراك مع نوادي سينما تونس فبعد التطرق إلى الصورة الناقصة والصورة الاشهارية والكاريكاتورية والبرورنوغرافية والصورة المراقبة، التقى مساء يوم الجمعة 6 مارس جمهور السينما وصالون ناس الديكامرون مع ارهاب الصورة (داعش في تاريخ الفن.
 
بغضّ النظر عن الأسباب السياسية والإيديولوجية لوجود هذا التنظيم، تتبع عدنان الجدي ظاهرة قطع الرؤوس في الثقافة الغربية في فنونها وآدابها معتمدا على لوحات زيتية وأيقونات ومنمنمات وصور فوتغرافية إلى الوصول للصورة الداعشية والأفلام المصورة بحرفية كبيرة جدا.
 
وقد اعتمد على بعض المراجع الغربية في تحليل هذه الصور من بينها كتاب لانطونيو دومنقاز بعنوان قطع الرؤوس décapitations des cultes des cranes au cinéma gore وهو يعتبر من أثرى الكتب العلمية. ثم كتاب جوليا كريستيفا "فنون وشعائر قطع الرؤوس arts et rituels de la décapitation" وهي أديبة عالمة لسانيات محللة نفسية نسوية فرنسية وقد أوكل لها متحف اللوفر الإشراف على هذه اللوحات والعناية بها والإشراف على أبحاث تخصها، ثم كتاب روبار بتلر mots de tête والذي انطلق من فكرة أنّه بمجرد قطع الرأس يبقى المخ صاحيا مابين 20 و40 ثانية وتخيل هذا الكاتب -من خلال  تتبع 62 شخصية- ماذا يمكن ان تفكر هذه الشخصيات في هذه الثواني.

ثم انطلق عدنان الجدي في تتبع هذه اللوحات والأيقونات واحدة بواحدة مع تحليلها وقد بدأ بأيقونة  شهداء كريت les martyrs de crête وهي تمثل إعدام عشرة من الشهداء المسيحيين الذين كانوا من الموحدين، ثم الأيقونة الثانية للرسام الايطالي بالمارينو دي قيدو palmerino di guido الذي بيرز تدخل القديس نيكولا لمنع قطع رؤوس ثلاث من الابرياء ثم لوحات اخرى مختلفة من رسامين مختلفين يتطرقون لاعدام وقطع رأس القديس سان جون بابتيست saint jean baptiste من خلال لوحة الرسام الايطالي كرفاش Caravage ومن خلال رسمة لفرا انجيلو الايطالى وهو رسام يرسم رسم زيتى  على اللوح Guido di Pietro .

وغيرها من اللوحات التي بيّن فيها الجدي الفروقات بينها: أولا في اللوحات الأولى يظهر القديس بهالة التقديس على رأسه ثم تختفى في بعض اللوحات المتقدمة لوحات فيها شاهد او أكثر ولوحات يختفي فيها العنصر لوحات يوجد فيها الجمهور ولوحات لا. لوحات فيها مصاحبة الموسيقى في نوع من هذا العقاب ولوحات تختفي فيها هذا العنصر.

أيضا من ناحية الألوان يختلف احتفاء الرسامين باللون في هذه النوعية من اللوحات التي نستطيع أن نقول عنها أنها لوحات صادمة ومليئة بالعنف فبالألوان الزاهية يمكن التخفيف من هذه الحدة كذلك تختلف آلة الإعدام من لوحة إلى لوحة هناك من يستعمل المقصلة وهناك من يستعمل السيف وهناك من يستعمل السكين وغيرها.

ثم تعرض عدنان الجدي للصور الفوتغرافية التي تؤرخ لهذه الجرائم من بين الصور صور لاعدام شيوعي شانغاي وهذه الصور كانت منطلق للعديد من الكتاب والمبدعين الذين ألفوا كتبا ونصوصا انطلاقا من بشاعة هذه الصور نذكر منهم مارلو وجورج باطاي وغيرهم وصور من حرب الفيتنام وهذه الصور أصبحت بطاقات بريدية يتراسل بها الناس ثم صور من حرب الجزائر وكلها تؤرخ لقطع الرؤوس والتباهى امام العدسة بهذا النجاح والانجاز.

وصولا إلى صور داعش الذى يعتبر عدنان جدي وهو راي شخصى انها "نتيجة منطقية لما وصل اليه العقل البشري" وكيف تطورت هذه الصورة بداية من ترويج هؤلاء لالعاب الفيديو التى تشرع للقتل وللعنف. فتأتي الصورة الداعشية موقعة بالعديد من الظواهر: الاعدام في الساحات العامة، تطبيق الشريعة بحد السيف على مذبحة يكون فيها الضحية معصوب العينين خاصة للجانى الذي يرتكب كبيرة كسبّ الله وغيرها فالحكم الشرعى هو القصاص ثم تتطور الشعائر بتغير الاطار المكاني من الساحة العامة الى الصحراء الى الشواطئ. كل الصور غير اعتباطية وهي صور تحترف الصدق لتحقيق مبتغاها وصولا الى الفيديوهات الهوليودية التى تعتمد قبل كل شيء على الابهار فتموت الضحية قربانا للصورة.

ومن المتناقضات ان هؤلاء يحرمون في شريعتهم الصورة ويحطمون كل المنتجات الفنية باعتبار انها حرام شرعا ولكنهم يعتمدون على الصورة لايصال ما يبشرون به. 

اذن فبعد هذا التحليل والصور المقدمة، لم تعد صور داعش تثير الدهشة. على الاقل تبين ان هذه الصورة لها جذور ليس في الاسلام فقط وانما في كل الثقافات والديانات وقد ارّخ الادب والفن الغربي لذلك وقد نرى في المستقبل القريب او البعيد تحليلا معمقا لما نراه اليوم من صور وافلام التى تروج لها داعش!!!!!!!

ابتســـــــــــــــــــــام القشّوري